صبري: إعلان الرئيس الأمريكي بمغربية الصحراء؛ مصدره الأمين العام للأمم المتحدة


يجتهد البعض لنزع الحجية الثبوتية القانونية والصدقية السياسية لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف الكامل بمغربية الصحراء.

ورغم أن أمريكا كدولة عظمى تملك حق التقرير في سياستها الخارجية وفقا لقناعتها، وخدمة لمصالحها في إطار الواقعية السياسية والاقتصادية التي جبلت عليها، فان قرارها يجب قراءته من زوايا أخرى.

ويجب الإقرار بأن أمريكا هي الدولة الغربية الديمقراطية العظمى، التي ساهمت بشكل كبير في إرساء ورعاية المبدأ الديموقراطي في العالم.

ولهذا يكتسي الإعلان الأمريكي بمغربية الصحراء أهمية قصوى لأن مصدره هذه الدولة التي ساهمت في صناعة التاريخ المعاصر ومازالت مؤثرة فيه وصانعة أحداثه والمتحكمة فيه.

وأهمية الإعلان الرئاسي الأمريكي بخصوص مآل نزاع الصحراء المغربية، تكمن في أنها الدولة المكلفة بصياغة تقارير مجلس الأمن بخصوص دراسة الحالة السنوية الدورية في الصحراء، ومن الدول أصدقاء الصحراء، وماسكة لحق النقض، وهو ما يوفر حماية للمركز المغربي لتطابقه مع الاستنتاج النهائي الأمريكي.

ويجب قراءة الإعلان الرئاسي الأمريكي من ديباجته التي ركزت على حيثية التاريخ، من خلال الإشارة إلى واقعة اعتراف المغرب بأمريكا سنة 1777، ولهذه الجزئية خلفية أن القرار له إسناد بشرعية تاريخية، فالمغرب دولة متجذرة في التاريخ وغياب ميان اسمه “الجزائر “الدولة “الصحراوية ” وهو ما يخرجه من مزاعم أن امريكا اتخذت الموقف لصالح المغرب بالانحياز.

والشرعية التاريخية كشف عنها من ذي قبل حكم محكمة العدل الدولية سنة 1975 في إطار جوابه عن سؤال الجمعية العامة للأمم المتحدة حول مدى وجود روابط بين الصحراء وسكانها والسلطة المركزية في المغرب.

- إشهار -

فالشرعية التاريخية في القرار مشفوعة برجحان قانوني، ناهيكم عن النفعية الاقتصادية الأمريكية، التي اقتنعت بأهمية المنطقة اقتصاديا، ودور ومكانة المغرب في المعادلة في ضرورة تعزيز حقوقه ومطالبه.

بيد أن لهذا القرار جذور في قرارات ولوائح الأمم المتحدة للنزاع، وتوصيات بضرورة كسر جموده بمبادرة وبقرار صعب. وهو توصية صادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره لسنة 2017، حيث ورد في الملاحظة عدد 84 ضرورة نظير هذا الإجراء الصعب.

ووردت التوصية من مصدرها بالإنجليزية وفق ما يلي: If the current framework of negotiations is to achieve results on the basis of the existing guidance of the Security Council, difficult decisions will be required of the parties, their supporters and the Council itself

ومن تم فإن ما قامت به أمريكا عبر رئيسها، وعبر هذه الطريقة القانونية، هو إجراء ينسجم ويتطابق مع استنتاجات وخلاصات الأمين للأمم المتحدة، وأن أمريكا فكت عن مجلس الأمن عقدة الجمود والتردد.

وبقي للأمم المتحدة هدف واحد تقوم به هو الإشهاد بنهائية النزاع على أساس الحل بسيادة المغرب، وتطبيق الحكم الذاتي وتفعيل إجراءات إنهاء وضع اللجوء، التي تحتاج وقتا زمنيا وتدخلا أمنيا لحماية اختياراتهم في إطار الحلول التي يكفلها القانون الدولي للجوء.

*محامي بمكناس خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد