بنكيران و اعتذار ماكرون


       أنا فرنسي بالصدفة و إنسان بالضرورة ـــــ   

مونتيسكيو  

            أطل علينا السيد بنكيران أمين عام حزب العدالة و التنمية الإسلامي سابقا و رئيس الحكومة المغربية السابقة على الجزيرة في دور النصوح الأمين للمسلمين في مشارق الأرض و مغاربها، و في معرض حديثه توجه للمسلمين في فرنسا بعدم جواز المس بالسلامة الجسدية لأي فرنسي كيفما كان و كيفما كان المبرر، و أكد على ذلك مرارا  و هذا الكلام لا يمكن إلا التنويه به عاليا تجسيدا لأعظم حق في الوجود و هو* الحق في الحياة*  ، إلا أنه ، و هو يريد  تهدئة الأمور، ما زاد طينها إلا بلة بمطالبته ماكرون الاعتذار للمسلمين. هذا الأخير الذي صرح في الجزيرة أنه لا يقصد بتاتا المس بالإسلام كدين و المسلمين كمواطنين و أضاف أنه لم يقل شيئا يستحق الاعتذار كونه قصد الإسلام الأصولي الراديكالي عندما تحدث عن أزمة الإسلام.

- إشهار -

         بنكيران بمطالبة ماكرون على  الاعتذار لم يقم إلا باستجداء الإيمان العاطفي الانفعالي للمسلمين بتعبير المفكر الإسلامي محمد أركون و الذي سيترتب عليه بالضرورة ردود أفعال منحرفة وشاذة من طرف العقل الجمعي العاطفي الإسلامي  ؛ سيكولوجية الجماهير لكوستاف لوبون ؛

          السيد بنكيران ، أ لا ترى أن سيادتكم  عليها الاعتذار أيضا ؟ هل الأمر عندك هين و مسترخص أن تذهب ضحيتين في صراعات جانبية طائفية ، المدرس الفرنسي الذي قتل غدرا بسبب الفهم الديني الإستئصالي ثم الشاب الشيشاني القاتل المجرم اجتماعيا  وقانونا و الضحية فلسفيا  و الذي ذهب ضحية لفهمه الديني الأعور و القاصر بتحريض من التراث الذي وجب و يجب تنقيته ـــ الجابري ــــ ، أ لا يليق بنا نحن المسلمون  أن نعتذر و نعترف أن  هناك أزمة فعلا بكل شجاعة متواضعة ؟ و آنذاك فليعمل آنذاك كل واحد لما خلق له ، أ ليس حري بنا أن نعمل معا في الوجود بالقوة قبل أن نسقط حيارى تعساء  في الوجود بالفعل ؟ أ لم يحن الأوان أن نقنع أبناءنا  بقبول الاختلاف و التعدد و الدين العقلي الوجداني ؟ أ لا نقرأ في فاتحة القرآن يوميا * الحمد لله رب العالمين* العالمين و ليس المسلمين فقط  بل العالمين بالجمع و ليس فقط العالم، رب حتى مخلوقات أخرى في كوكب آخر إن وجدت ؟  فلماذا إذن لا تخرج سيدي  بنكيران بتصريح واضح تنادي فيه بعالمية القرآن الكريم بشجب قتل الأبرياء بغض النظر  *أو  بالأحرى رفعه  تقبلا صادقا  *  لدينهم دون تبريرات واهية يؤدي ثمنها أبرياء ؟  كيف لم تخرج و تشجب قتل موظف السجن من طرف سلفي متطرف و تأخذ بعين الاعتبار أن الاثنين مسلمين ؟ لماذا تم نقض عهد المعطلين المغاربة المسلمين في عهد حكومتكم فيما يسمى بمحضر يوليوز ؟ كيف انخرطت  فيما يسمى خطة  إصلاح التقاعد بل و نفذت  و سيادتكم تعلمون٬ و قد لا تعلم أو تنسى٬ أن العمل في القسم مرهق و مدمر ما بعد الستين لأساتذة مغاربة مسلمين ؟

 حزب العدالة و التنمية بخلفيته الإسلامية و بدوافعه الإصلاحية هو جزء لا يتجزأ من المجتمع المغربي و هو نتاج محتوم  لظروف تاريخية و  ذاتية محلية مغربية ولا يمكن اعتبار منابعها دينية خالصة و إلا ففي جميع الأحزاب المغربية متدينين بما فيها الأحزاب اليسارية ، و لكن هناك عمل يجب تفعيله على مستوى الخطاب بالبعد عن استعمال المشترك المغربي الديني و التخلي عن ادعاء الطهرانية الأخلاقية بربط الديني بالأخلاقي في خرق سافر لما هو مشترك حضاري إنساني و إلا فستلفظ الجماهير الإسلاميين بتعبير شهيد الكلمة و المفكر الإسلامي فرج فودة في دول المشرق و شمال إفريقيا طال الزمان أو قصر.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. محمد عبو يقول

    قراءة في الصميم صديقي خالد. سلمت أناملك من أجل التنوير و تقديم إضاءات صادقة و جريئة.
    مودتي الخالصة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد