عللا: المنخرطون في الفعل الحزبي يعلمون ما ينتظرهم من توافقات (حوار)


حاوره: خالد بوخش شكل انضمام مجموعة من فعاليات الحركة الأمازيغية إلى أحد الأحزاب السياسية المغربية موضوع نقاشات واسعة في صفوف الحركة وحتى خارجها، وتعددت تأويلات الانضمام وكثرت الانتقادات فكان لابد من استجلاء بعض نقاط الغموض في الموضوع ولا يمكن ذلك إلا من خلال البحث من داخل الثقافة التي أنجبت هؤلاء ربما تجد الأسئلة المطروحة بعض الإجابات.

البداية كانت من خلال حوار مع “عبد الله صبري” رئيس المنظمة الملقب لدى إيمدوكال ب *عللا* باحث في سلك الدكتوراه، كاتب وإطار في الصحة، يبرز من خلاله بعض التحديات والرهانات من أجل الرقي باللغة والثقافة الأمازيغية في علاقتها بالعدالة الاجتماعية والتنمية في ظل التراجعات والتنافرات التي تعرفها القضية في الآونة الأخيرة.

عبد الله صبريالذين اختاروا الانخراط في الفعل الحزبي نظن أنهم يعلمون ما ينتظرهم من توافقات سياسية قد تكون في صالح الأمازيغية وقد تكون ضدها.

1-أزول أمغناس سي عبد الله.. تسعى منظمة تاماينوت إلى إحقاق الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية وترسيخ العدالة الاجتماعية؛ ما هي الآليات التي تعتمدها لتحقيق الرهان؟

في البداية أود أن اشكر موقع “بديل” على هذا الاستقبال. وعلاقة بسؤالكم.. نحن في منظمة تاماينوت نعتبر أن التحرر الفردي والجماعي لعموم المواطنين هو معركتنا الحقيقية من أجل بناء مغرب ديمقراطي فيدرالي في إطار الوحدة الوطنية وهي أسس ارتكز عليها عملنا منذ بداية التأسيس سنة 1978 وأنتجنا أوراقا أدبية وفكرية وتنظيمية مهمة، كان أولها، الميثاق الثقافي لسنة 1981 الذي تحدثنا فيه عن هيمنة ثقافة رجعية متخلفة وسيطرة الاسيتلاب الإيديولوجي الثقافي كسببين رئيسيين لتكريس تخلف الشعب واستيلابه الفكري. لذا فمنظمة تاماينوت جزء من الحركة الأمازيغية والجسد الحقوقي بالمغرب، فأينما كان الظلم وعدم احترام الحقوق بكل أجيالها ستجدنا هناك، ونقوم بمجهود مضاعف حين يتعلق الأمر بالمواطن الأمازيغي، بكل بساطة لأنه يتعرض للتمييز على مستويين، في حقوقه المادية والمعنوية على حد السواء.

تعد المرجعية الكونية لحقوق الانسان وما أسس لها من فلسفة تنويرية أساسا نبني من خلاله رؤيتنا للمجتمع ولجميع قضاياه. لهذا فمنظمتنا تعتمد على الآليات الوطنية والدولية المتعارف عليها في الثقافة الحقوقية العالمية والمحلية.

نحن نعمل على عدة واجهات وعلى ملفات كبيرة: الحقوق اللغوية والثقافية، قضية نزع الأراضي للشعب الأصلي، تعزيز دور المعارف التقليدية للشعوب الأصلية في التأقلم وتقليص التغيرات المناخية، قضية المرأة وسؤال المناصفة والمساواة بين الجنسين، موضوع التربية وتأطير الأطفال والشباب وغيرها.

لهذا فنحن نعتمد على جميع الآليات الدولية المتاحة، آليات وميكانيزمات حقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة، آليات حقوق الشعوب الاصلية، بالإضافة إلى الآليات الإقليمية بهذا الشأن. أما وطنيا فنعتمد على آليات محلية، بداية بالتربية والتكوين من خلال المداومة على تنظيم مخيم وطني بحقيبة تربوية أمازيغية وصولا إلى رفع تقارير إلى الهيئات الوطنية ورصد خروقات حقوق الإنسان وحقوق الأمازيغ في البلاد، وكذا التنسيق مع مكونات الحركة الأمازيغية والحركة النسوية وعموم الديمقراطيين في تنظيم أشكال نضالية مختلفة هدفها العام بناء مغرب ديمقراطي يحتضن كل أبنائه.

2- في ظل التحولات والتجاذب السياسي المستمر حد الصراع الداخلي الذي تعرفه الحركة الأمازيغية؛ ما موقع وموقف المنظمة من أجل الارتقاء بالعمل الثقافي التداولي والسياسي الأمازيغي لتحقيق مزيد من المكتسبات والتطورات؟

منذ التسعينيات تكونت لدى مناضلي المنظمة قناعة محورية وهي أن التأثير في حياة المجتمع الثقافية والسياسية بما يدفع بإحقاق الحقوق الأمازيغية إلى الأمام، يستلزم انخراط مناضلي الحركة الأمازيغية في هذه الحياة برمتها وفي كل جوانبها. واستراتيجية العمل بجناحين الثقافي والسياسي انبثقت من داخل تاماينوت مباشرة بعد اعتماد مشروع إعلان الأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية كوثيقة أساسية لعمل المنظمة سنة 1996 والتحضير لأهداف الألفية الأولى ODD. على أساس أن النضال المزدوج في المجالين الثقافي والسياسي سيفتح المجال لحق المشاركة في الحياة الثقافية والحياة السياسية لمناضلي الحركة.

منذ ذلك الحين إلى اليوم جرت مياه كثيرة تحت الجسر دون أن يتمكن الفاعلون الأمازيغ من بلورة استراتيجية موحدة سياسيا. وهذا كان أكبر ضعف في تاريخ الحركة إن شئت. وبما أن الثقافي بمنظوره الواسع يتضمن السياسي، فإن مطلب ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور كان هدفا توحد عليه الفاعلون الأمازيغ على المستويين الثقافي والسياسي من داخل الحركة وهو الهدف الدي تحقق بعد 20 فبراير.

أما فيما يخص سؤالكم عن موقف المنظمة، فلا يمكنها إلا ان تساند جميع المبادرات، شريطة أن يكون الهدف الأسمى منها إحقاق الديمقراطية والتحرر الفردي والجماعي لعموم المواطنين بشكل عام، وإنصاف الأمازيغ والأمازيغية بشكل خاص. لكن المنظمة تبقى إطارا وطنيا مستقلا يؤمن بالفعل المدني والثقافي في مفهومه الواسع ونحن واعون بمستواه الحالي وفي إطار الإعداد لتجديد الآليات داخليا والتفكير مع من يشاركنا التصور داخل الحركة الأمازيغية بتطوير آلياتنا الترافعية والنضالية لإعطاء دفعة جديدة للفعل المدني خاصة أمام العديد من التراجعات على المستوى الحقوقي في البلاد.

- إشهار -

لكننا نؤيد المبادرات السياسية الرزينة، شريطة ألا تختزل القضية الأمازيغية في أي مشروع حزبي. فواقع الممارسة السياسية الحزبية بالمغرب له أفاق محدودة، المعروفة منها والمسكوت عنها، في علاقته مع بنية السلطة في البلاد. صحيح أنه يمكن العمل فيما هو ممكن سياسيا وهذا الشق نعي إضافته النوعية الممكنة، والذين اختاروا الانخراط في الفعل الحزبي نظن أنهم يعلمون ما ينتظرهم من توافقات حزبية ومواقف سياسية قد تكون في صالح الأمازيغية وقد تكون ضدها ولنا أمثلة على ذلك في معركة قانون البطاقة الوطنية والقوانين التنظيمية وغيرها خاصة ما بعد دستور 2011، والتي قد نتفق معها أو نعارضها كمجتمع مدني.

3- يعرف حقل تعليم اللغة الأمازيغية مجموعة من الإشكالات؛ ما هي؟ وهل التعليم بحرف تيفيناغ كان خطأ معرقلا لانتشار تعليمها أم كان الأجدر التعليم بالحرف اللاتيني؟

سأبدأ بالشق الأخير من سؤالكم، أظن أن إشكالية الحرف متجاوزة وقد تم الحسم فيها، لهذا فأنا أعارض العودة إليه سواء من طرف السياسيين أو بعض من أرادوا أن يبرروا إفشالهم لتدريس الأمازيغية.

بالنسبة للشق الأول في البداية أحيي إمدوكال في جمعية مدرسي الأمازيغية وجميع فروعها الذين يوجدون في الصف الأمامي لهذا الشق المهم من النضال الأمازيغي، كما أحييي نقابة التعليم التي تساند هؤلاء الأساتذة في تضحياتهم اليومية داخل منظومة التعليم.

لقد سجلنا بعض التطورات الإيجابية البطيئة خلال هذه السنة 2020، لكن بالمقابل سجلنا عدة خروقات على الصعيد المحلي بعدة مدن ومؤسسات، سنضمنها في تقريرنا الموازي لهذه السنة. مؤشرات هذه السنة تدل على استمرار غياب إرادة سياسية حقيقية لإدماج الأمازيغية في منظومة التعليم، والحالة تسائل مدى احترام الجميع للدستور وتسائل كذلك قوة القوانين المنظمة للطابع الرسمي للأمازيغية.

4– قامت وزارة العدل بالانخراط في مسلسل تنزيل القوانين التنظيمية للغة الأمازيغية؛ ما هو تقييمكم لمقترحات الوزارة المعنية وكيف كان تفاعلكم معها؟

في البداية وجب التنويه بمبادرة وزارة العدل لكونها القطاع الذي انخرط فعليا في تنزيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية خلاف القطاعات الأخرى. كما وجب التذكير برمزية العدالة ومؤسسة القضاء لدى الشعوب، وما عاشه الأمازيغ من صدمة ثقافية بعد إزالة المحاكم العرفية بشكل مفاجئ في خمسينيات القرن الماضي، ومدى الحيف الذي طالهم منذ صدور قانون التعريب والمغربة والتوحيد. لهذا فالمشروع يجب أن يضع نصب أعينه مصالحة منظومة العدل مع الأمازيغ بشكل عام..

وجوابا على سؤالكم نسجل أن الإجراءات التقنية المبرمجة في برنامج عمل الوزارة، مستوحاة بشكل كبير من كتيب “الحقوق اللغوية للأقليات اللغوية: دليل التنفيذ” الذي أصدرته المقررة الخاصة التابعة للأمم المتحدة والمعنية بحقوق الأقليات سنة 2017، ما يتنافى مع وضع الأمازيغ بالمغرب. لهذا ننبه إلى أنه، رغم ما للتقني من أهمية، كالتشوير بتيفيناغ، وتوفير الترجمة، وآليات الاستقبال والتوجيه، إلا أن وزارة العدل عليها أن تهدف إلى تحقيق العدالة بمعناها الأسمى بما فيها العدالة اللغوية عوض تحقيق محاكمة عادلة فقط، وإلا فسنسقط في تكريس التراتبية بين المواطنين، وعدم الإحساس بالانتماء للمنظومة والوطن.

إن تدبير التعدد يقتضي صون الوضع الاعتباري الملائم للغة الأمازيغية، بوصفها لغة تداول مجتمعي وباعتبارها لغة لها جذور في الذاكرة التاريخية المغربية وإرثا مشتركا لجميع المغاربة، ولا يمكن التعامل معها، كما يعمل به مع اللغات الأجنبية الأخرى. لهذا وجب تغيير كل القوانين المرتبطة بمنظومة العدل ومهنها لتلائم الوضع الجديد، مع ترجمتها رسميا إلى الأمازيغية وكذا التنصيص على القوة القانونية للوثائق المكتوبة بالأمازيغية.

5 تانميرت باهرا ايعززان ماسس عللا.

   تانميرت إيغودان سي خالد مع الشكر مجددا ومتمنياتي لكم ولجريدتكم التوفيق.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. قرقلا يقول

    أنني أتعجب كثيرا حينما يبدي الحديث عن الأحزاب والممارسة السياسية في المغرب مع العلم أن المغرب ليس استثناء في ما يسمى الوطن العربي
    لم يسبق لي المشاركة من قبل لا ناخيا ولا منتخبا لا لشيء الأناني اطلعت على لبنود والمبادئ والاديولوجيا وبصفة خامة توجهات الأحزاب كل على حدة
    وبما أن أي حزب لم يستقطبني واتا مجرد راع فكيف تستقطب هده الأحزاب الفءة المثقفة
    فما بالك أن التحق بحزب ما على حساب هويتي الوطنية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد