دبلوماسية الأرجل الممدودة!


في تدوينة له على موقع التواصل الإجتماعي، فيسبوك، ربط وزير الدولة في حقوق الإنسان، مصطفى الرميد، واقعة تدفق آلاف المهاجرين غير الشرعيين على سبتة المحتلة، بموقف إسبانيا السلبي من دخول زعيم جبهة البوليساريو، ابراهيم غالي، إلى إسبانيا بهوية مزورة قصد العلاج، دون أي تنسيق مع المغرب!

ظاهريا، يبدو أن المبررات التي دفع بها وزير الدولة في حقوق الإنسان مشروعة ومنطقية، غير أنه تبقى الوسيلة التي رد بها المغرب خاطئة، وفيها إضرارا كبيرا بالصورة الحقوقية للمغرب، وبوضعه كشريك للاتحاد الأوروبي، وبكرامة مواطنيه الذين ظهروا أمام العالم حفاة عراة، كما لو أن بلادهم تعيش حالة حرب أهلية!

تصرف إسبانيا مع زعيم تنظيم جبهة البوليساريو، ابراهيم غالي، مرفوض ومدان، لأنها لم تراعي علاقات حسن الجوار، بسماحها لقائد جبهة انفصالية مسلحة بدخول أراضيها خفية، وفي نفس الوقت فإن رد فعل المغرب يظل  انفعاليا، ويتنافى مع القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان، ومحاربة الهجرة غير الشرعية، ومنع الاتجار في البشر!

خروج الوزير الرميد للحديث عن سياسة مد الأرجل، لم يكن موفقا، فلا هو وزيرا للداخلية ومسؤولا عن الإجراءات الأمنية في البلاد، ولا هو وزيرا للخارجية ومسؤولا على كل ما له علاقة بسياسة الدولة الخارجية.
الرميد وزيرا لحقوق الإنسان، وهذه الصفة لا تسمح له على الإطلاق، باي محاولة لتبرير رد فعل الدولة المغربية، الذي لم يكن موفقا على الإطلاق من الناحية الحقوقية!

 مهما حاولت الحكومة المغربية، تبرير ما وقع مند يومين من تدفق عدد هائل من المغاربة، جزء كبير منهم أطفال قاصرين، بمواقف إسبانيا وسلوكاتها غير الودية ضد المغرب، ولاسيما، صمتها عن دخول زعيم جبهة البوليساريو للاستشفاء بإسبانيا بهوية مزورة، فإن هناك ملاحظات ينبغي أخدها بعين الاعتبار:

أولا: الأزمات السياسية والدبلوماسية تحل في إطار رسمي بوسائل سياسية ودبلوماسية وليس بمنطق مد الأرجل كما عبر عن ذلك وزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد،

ثانيا: هناك لجنة عليا إسبانية مغربية تعد آلية مهمة لمناقشة القضايا الثنائية بين البلدين بما في ذلك القضايا العالقة،

ثالثا: هناك تبادل دبلوماسي بين البلدين مؤطر بقواعد القانون الدولي ولا سيما اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 التي تتيح لكل دولة إمكانيات قانونية للتعبير عن عدم رضاها أقصاها قطع العلاقات الدبلوماسية وأدناها استدعاء السفراء للتشاور أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي عندما تصدر سلوكات غير ودية عن أي طرف،

رابعا: هناك وضع متقدم للمغرب في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يتيح له إمكانيات هائلة لطرح كل قضاياه المشروعة على طاولة المفاوضات،

- إشهار -

خامسا: هناك التزامات دولية للمغرب مؤطرة باتفاقيات دولية تلزمه بضرورة التقيد بها من قبيل قوانين مكافحة الهجرة غير السرية وحماية الطفولة، ومنع الجريمة المنظمة،

سادسا: هناك أوراق ضغط دبلوماسية واقتصادية بديلة كان بإمكان المغرب اللجوء إليها لتحصين حقوقه السيادية عوض اللجوء إلى سياسة الأرجل الممدودة.

من هذا المنطلق، فلا داعي لتبرير رد الفعل المغربي الخاطئ، بأطروحة مد الأرجل، لأن الحكمة تقتضي إعمال التناسبية، واللجوء إلى مبدأ المعاملة بالمثل إذا اقتضى الأمر ذلك!

إذا كانت اسبانيا تدعم الانفصال من خلال ممارساتها المستترة، فلا شيء يمنع المغرب من توظيف نفس الورقة في التعامل معهم، مادام أنه داخل إسبانيا هناك مطالب انفصالية في الشمال!

الخطوة التي أقدم عليها المغرب، وحاول وزير الدولة في حقوق الإنسان، مصطفى الرميد، تبريرها بموقف إسبانيا من وجود زعيم تنظيم البوليساريو داخل أراضيها، تطرح أكثر من علامة استفهام،  أخدا بعين الاعتبار ما نشرته الصحافة بخصوص عرض إسبانيا 30 مليون دولار، وطلب المغرب نصف مليار دولار لوقف نزيف الهجرة غير الشرعية؟!

إذا صح هذا الخبر، فإن مبررات الرميد تصبح بدون معنى، ويصبح الدافع مالي ولا علاقة له بدخول غالي إلى أراضيها بهوية مزورة، خصوصا، وأن مجلس الوزراء الإسباني قد صادق على المنحة التي سبق للمغرب رفضها، مما يعني أن إسبانيا تريد فرض شروطها على المغرب، دون تقدير دور الدركي الذي يقوم به من أجل ضمان أمنها وأمنها أوروبا!

على وزارة الخارجية  أن تخرج عن صمتها، لتوضيح  خلفيات ما وقع بالضبط للرأي العام الوطني والدولي، لأن كل المؤشرات تفيد بأن ما وقع خلال اليومين الماضيين، سيأخد أبعاد أخرى في علاقة المغرب مع الاتحاد الأوروبي عموما، ومع إسبانيا على وجه التحديد!

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد