الصحراء، نرجسية الذات مقابل حب الوطن


“الدولة لم تكن يوما ما هي الوطن..” باكونين

النرجسية أو الأنانية في معناها السائد هي حب الذات المفرط، ولكن الأنانية في مرحلتها النرجسية هي كره للذات في عمقها الوجودي وستدمر العالم وتعود لتدمر حاملها لكي تعلن أنها الأقوى حتى على الشخص الذي يحملها.

النرجسية فكرة وهمية تتغذى من وهم السيطرة على الكل ولن تصل إلى ذاك الإشباع غير الموجود أصلا إلا بعد أن تحطم كل شيء.

الشخص النرجسي هو فقط أداة تعبر من خلاله النرجسية وتجعل منه وجبة تتغذى من خلاله إلى أن ترديه ملوما محسورا.

النرجسية جذر الشرور ومنبع الكذب والنفاق والخيانات والجحود.

النرجسي متعصب متطرف حاقد كذاب منافق مراوغ بارع، والتاريخ البشري مليء بالطعنات التي تأتي من أقرب الناس وسببها تلك النزعة إلى السيطرة حتى ولو على حساب الأب أو حتى الأم.

وفي المقابل هناك الحب، هذه القيمة التي حيرت الفلاسفة والعلماء فضلا عن الفنانين والحكماء. الحب ليس كالأنانية طبعا، بل هو نقيضها تماما..

الحب هو إرادة الخير للآخر، هو الترفع عن الذات الوهمية المزيفة وتجاوزها من أجل احتواء الجميع بغرض الإصلاح وليس التدمير.

- إشهار -

المحبة انطلاق وانشراح من أجل الكل كالوردة التي تمنح عطرها ولا تبغي من ذلك لا جزاء ولا شكورا. وكل علاقات الحب التي فشلت على مر التاريخ كحب المال والسلطة والجاه والآخر هي في حقيقتها علاقات امتلاك نرجسي وليست علاقات تحرر عطائي، المحبة في معناها العميق تحرر وإيثار وليست تحكما وتملكا.

مناسبة هدا الكلام، هو ما جرى ويجري حول الصحراء المغربية من تنابز بالألقاب والاتهامات المجانية على الشبكات الاجتماعية والطعن في وطنية البعض دون أدنى تحليل رصين ورزين.

وسنحاول أن نورد هنا مثالين كتجسيد لما قيل أعلاه تبيانا لبعض شيء.

الأول، وجه بارز في الصحافة المغربية كان يعمل في الإذاعة الوطنية وكان دائما ينادي بمغربية الصحراء ويشتم الانفصاليين، ثم وقع له سوء فهم لا نعلم حيثياته مع مشغله.. وتضامن معه الكثير من الصحفيين والحقوقيين المغاربة فآلت إلى ما آلت إليه الأوضاع فالتجأ إلى فرنسا، ثم انقلب على عبقيه وبدأ يسب ويشتم الدولة المغربية والشعب المغربي ويوالي البوليساريو التي إلى الأمس القريب يسبها.

الثاني، صحفي معروف عمل في الكثير من الجرائد المغربية ثم انفصل عنها بعد ذلك بكل لباقة واحترام، تم الزج به في السجن وقضى فيه ما يقارب ثلاث سنوات من المعاناة، ثم خرج ولم يبدل تبديلا ولم يثأر لنفسه وينتقم لها، بل ترفع عن كل ذلك وواصل نهجه الإصلاحي بكل نقد لبق ومازال ينادي بمغربية الصحراء وبالحوار مع الآخر المختلف.

طبعا من الحمق مهاجمة الصحفي الأول وشتمه على فعله، لان الأمور يتم حلها بالحوار والهدوء اللازم دون فقاعات انفعالية لا يطول أمدها كثيرا.           

قد يظهر الآن الفرق بين نرجسية الذات وحب الوطن وبين المساندة الفعلية للشعب المغربي الموجود في الصحراء وبين جعله متكئا لتصفية الحسابات الشخصية.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد